تعريف الحديث المتواتر
الحديث المتواتر لغةً من التتابع، أي جاء الشيء على أثر شيءٍ سبقه، أو جاء على عقبه وتراً وتراً أي فرداً فرداً، وقيل أن بينهما فترة،
قال آخرون إن التواتر بدون فترةٍ أي مدة، ومن ذلك قوله تعالى (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى)، أي يأتي رسول بعد رسول،
وفي الاصطلاح فإن معنى الحديث المتواتر ” ما بلغت رواته في الكثرة مبلغاً أحالت العادة تواطئهم على الكذب، ويدوم هذا فيكون أوله كآخره، ووسطه كطرفيه كالقرآن والصلوات الخمس ” كما ذكر الجرجاني في مختصره.
شروط الحديث المتواتر
- أن يكون عدد رواة الحديث كثير بحيث يستحيل تواطؤهم على الكذب.
- أن يروي هذا الجمع الكثير عن جمع مثله من أول السند إلى منتهاه.
- مصاحبة خبرهم إفادة العلم لسامعه، ومعنى العلم درجته وطريقة الحصول عليه، فإمّا أن يكون العلم ضروري أي حصل بمجرد السماع بدون بحثٍ أو نظر، أو أن يكون حصل ببحثٍ وتحرٍ ونظر ويسمى العلم النظري.
- أن تكون روايتهم عن حس، ومعنى أن يكون محسوساً أي يدرك من خلال إحدى الحواس كالسمع أو البصر.
العدد الذي يحصل به التواتر
لا يوجد عددٌ معين مُحدد لرواة الحديث حتّى يكون متواتراً، بل يجب أن يكون العدد كثيراً بما يحقق استحالة تواطئهم على الكذب، وقيل أن يكون العدد ما فوق الأربعة رواة،
وذهب أصحاب الشافعيّ أنّه لا يحصل التواتر في الحديث بأقل من خمسة قياساً على عدد أولي العزم من الرسل، وقيل عشرة رواةٍ؛ لأنّ ما دون العشرة يفيد الآحاد، وقيل اثنا عشر، وقيل عشرون، وقيل أربعون، وقيل سبعون، وقيل ثلاثمئة وبضعة عشر قياساً على عدد المسلمين يوم بدر،
وقد عقّب أبو يعلى الفراء الحنبليّ على هذه الآراء، ورأى بأنّه لا يشترط عدد معين، ذلك أنّ العدد الكثير للرواة قد يتواطؤوا على الكذب، ولا يحصل العلم بخبرهم، بينما قد يحصل العلم بأقل من هذا العدد.
أنواع الحديث المتواتر
يعتبرُ الحديث المتواتر من الأحاديث المقبولة مباشرةً لكثرة الطرق التي ورد منها عن الرواة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، بحيث يرويه جمع عن جمعٍ وهكذا،
لكن قد تكون الأحاديث المتواترة متَّفقٌ عليها لفظًا ومعنى وقد يكون الاتفاق عليها معنىً فقط، لذلك يقسم الحديث المتواتر إلى قسمين وهما:
1- حديث متواتر لفظًا ومعنىً: هو الحديث النبوي الشريف المتواتر والذي اتَّفق الرواة جميعًا على معناه وعلى لفظهِ معًا.
2- حديث متواتر معنىً فقط: هو الحديث النبوي الشريف الذي اتَّفق فيه الرواة جميعًا على معناه العام فقط، ولكنَّهم اختلفوا بلفظه، حيث ورد لفظ مختلف في كل حديث من الأحاديث ولكنها جميعًا حملت نفس المعنى والفكرة العامة للحديث، ومنها أحاديث المسح على الخفين وأحاديث الشفاعة وغيرها.
أحاديث متواترة
- روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: “مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ” ، وهذا الحديث متواتر فقد رواه الإمام البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي وابن ماجة وأحمد بنفس اللفظ.
- وروى ثوبان مولى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّ رسول الله قال: “.. لا تقومُ الساعةُ حتى تَلحقَ قبائلُ من أُمتي بالمشركينَ، وحتى تعبدَ قبائلُ من أمتي الأوثانِ، وإنَّهُ سيكونُ في أمتي كذابونَ ثلاثونَ، كلُّهم يزعمُ أنَّهُ نبيٌّ، وأنا خاتمُ النبيِّينَ لا نبيَّ بعدي، ولا تزالُ طائفةٌ من أمتي على الحقِّ ظاهرينَ لا يضرُّهم من خالفَهم حتى يأتيَ أمرُ اللهِ”، وهذا حديث متواتر أيضًا، رواه عدد من الرواة الذين لا يمكن أن يكذبوا في لفظ حديث مشترك .