من هو احمد شوقي

ولد أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك بحي الحنفي بالقاهرة في 16 اكتوبر 1868 من أسرة امتزجت عناصرها من الكرد والترك والشركس واليونان ، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمسقط رأسه ، واستمر حتى نال إجازته في الحقوق والترجمة .

نشأته حياته تعليمة

تكفلت جدته لأمه بتربية والتي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، فنشأ معها في القصر. لما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة، وانكب على دواوين فحول الشعراء حفظًا واستظهارًا، فبدأ الشعر يجري على لسانه. حين بلوغه سن الخامسة عشرة التحق بمدرسة الحقوق.

 سافر احمد شوقي إلى فرنسا على نفقة الخديوي توفيق، واستمر فيها طويلاً فتأثر بالثقافة الفرنسية لم يكن محدودًا، وتأثر بالشعراء الفرنسيين وبالأخص راسين وموليير.

وخلال فترة الدراسة في فرنسا وبعد عودته إلى مصر كان يتوجه شعر شوقي نحو المديح للخديوي عباس، ويعود إلى عدة أسباب منها أن الخديوي هو ولي نعمة أحمد شوقي، وثانيا الأثر الديني الذي كان يوجه الشعراء على أن الخلافة العثمانية هي خلافة إسلامية وبالتالي وجب الدفاع عن هذه الخلافة.

وبسبب هذا قام الإنجليز بنفي الشاعر إلى إسبانيا عام 1915، وفي هذا النفي اطلع أحمد شوقي على الأدب العربي والحضارة الأندلسية هذا بالإضافة إلى قدرته التي تكونت في استخدام عدة لغات والاطلاع على الآداب الأوروبية، وكان أحمد شوقي في هذه الفترة على علم بالأوضاع التي تجري في مصر، فأصبح يشارك في الشعر من خلال اهتمامه بالتحركات الشعبية والوطنية الساعية للتحرير عن بعد وما يبث شعره من مشاعر الحزن على نفيه من مصر، وعلى هذا الأساس وجد توجه آخر في شعر أحمد شوقي بعيدا عن المدح الذي التزم به قبل النفي. عاد شوقي إلى مصر سنة 1920.

أحمد شوقي امير الشعراء

عاد أحمد شوقي إلى وطنه بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها ، لكنه عاد هذه المرة ليقف بجانب الشعب يتغنى بآماله ، ويعبر عن همومه وآلامه .

ويبدوا أن رحلة المنفى قد شكلت تغيرا كبيرا وفارقا في حياة وشخصية الشاعر ، وفي ذلك يقول الأديب والمفكر أنور الجندي : لست أدري هل كان سيصل شوقي إلى ذروة الكمال الفني لو لم يتح له أن ينفى ويقضي في الأندلس خمس سنوات ثم يعود خلقا جديدا وقد بعد عن القصر أو كاد …والحق أن نفي شوقي هو أخطر حادث في تاريخ حياته كله . أثر في مجرى أدبه وفنه وشخصيته جميعا .

في عام 1927 بايعه شعراء الأقطار العربية كلها بإمارة الشعر في حفل كبير أقيم بدار الأوبرا في القاهرة ، حيث وقف شاعر النيل حافظ إبراهيم ليقول :

أمير القوافي قد أتيت مبايعا  *  وهذي وفود الشرق قد بايعت معي

مؤلفات أحمد شوقي

– ديوان كبير يعرف بالشوقيات ، يقع في أربعة أجزاء يشتمل على منظوماته الشعرية في القرن التاسع عشر وفي مقدمته سيرة لحياة الشاعر وهذه القصائد التي احتواها الديوان تشتمل على المديح والرثاء، والأناشيد والحكايات والوطنية والدين والحكمة والتعليم والسياسة والمسرح والوصف والمدح والاجتماع وأغراض عامة.

– كتاب ( دول العرب وعظماء الإسلام ) ، يتناول التاريخ الإسلامي وعظماءه .

– مجموعة من الروايات والمسرحيات الشعرية والنثرية ، منها : مصرع كليوباترا ، ومجنون ليلى ، وعنترة ، وعذراء الهند ، ولادياس .

– مقالات اجتماعية جمعت سنة 1932 تحت عنوان ‘ أسواق الذهب ‘ .

خصائص شعر احمد شوقي

يعتبر احمد شوقي أحد الرواد في النهضة الأدبية والفنية والسياسية والاجتماعية والمسرحية التي مرت بها مصر، أما في مجال الشعر فهذا التجديد واضح في معظم قصائده التي قالها

لأن الشاعر يملك نصيباً كبيراً من الثقافتين العربية والغربية، بسبب سفرياته  إلى مدن الشرق والغرب  فقد تميز أسلوبه بالاعتناء بالإطار وبعض الصور وأفكاره التي يتناولها ويستوحيها من الأحداث السياسية والاجتماعية

 كما عرف أسلوبه بتقليد الشعراء القدامى من العرب وخصوصاً في الغزل  ، كما ضمن مواضيعه الفخر والخمرة والوصف، وهو يملك خيالاً خصباً وروعة ابتكار ودقة في الطرح وبلاغة في الإيجاز وقوة إحساس وصدقا في العاطفة وعمقا في المشاعر.

يعتبر شوقي من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألفا وخمسمائة بيت، ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث.

كان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع، فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء.

وإلى جانب ثقافته العربية كان متقنًا للفرنسية التي مكنته من الاطلاع على آدابها والنهل من فنونها والتأثر بشعرائها، وهذا ما ظهر في بعض نتاجه وما استحدثه في العربية من كتابة المسرحية الشعرية لأول مرة.

نظم  أمير الشعراء الشعر العربي في جميع أغراضه من مديح ورثاء وغزل، ووصف وحكمة، وله في ذلك أيادٍ رائعة ترفعه إلى قمة الشعر العربي، وله آثار نثرية كتبها في مطلع حياته الأدبية، مثل: “عذراء الهند”، ورواية “لادياس”، و”ورقة الآس”، و”أسواق الذهب”، وقد حاكى فيه كتاب “أطواق الذهب” للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة.

اشتهر شعر أحمد شوقي كشاعرٍ يكتب من الوجدان في كثير من المواضيع؛ فقد نظم في مديح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ونظم في السياسة ما كان سبباً لنفيه إلى الأندلس بإسبانيا وحب مصر، كما نظم في مشاكل عصره مثل مشاكل الطلاب، والجامعات، كما نظم شوقيات للأطفال وقصصا شعرية، ونظم في المديح وفي التاريخ. بمعنى أنه كان ينظم مما يجول في خاطره، تارة الرثاء وتارة الغزل وابتكر الشعر التمثيلي أو المسرحي في الأدب العربي. تأثر شوقي بكتاب الأدب الفرنسي ولا سيما موليير وراسين.

الشعر التمثيلي عند أمير الشعراء

أحب الشاعر أحمد شوقي فن المسرح طوال حياته ، هذا الحب أذكته مرحلة تواجده بفرنسا ، وتأثره بالأدب الفرنسي ، فحاول أن يحاكي ذلك في مؤلفاته وقصصه المترجمة ، وقد كان يتردد كثيرا على المسارح ، ودائم الإشادة بالملحمات المسرحية الخالدة التي يفتخر بها الفرنسيون ، وتشكل ارتباطا وثيقا بتاريخهم القديم .

فسار أحمد شوقي على نفس المنوال ، فجعل من تاريخه القومي ( المصري – العربي ) ، مرآة لمسرحياته الشعرية ، وكانت أولى تجاربه مع مسرحية ( ما هي دولة المماليك ) ، أو ( علي بك الكبير ) ، حيث صور فيها تاريخ مصر ، وفترة الظلم والغدر التي طبعتها في فترة حكم المماليك .

هذا الشغف الكبير بفن المسرح ، جعل أحمد شوقي يفكر في خلق فن تمثيلي درامي جديد في الأدب العربي ، فتوالت مسرحياته تباعا ، مسرحية كليوباتره ، ثم أتبعها بمسرحيات : مجنون ليلى ، و عنترة ، و قمبيز .

وكانت له بصمة في فن الكوميديا ، فكتب كوميديا ( الست هدى ) شعرا ، وذلك بلغة شعبية محلية . على أن الطابع الغنائي الأخلاقي كان غالبا على الطابع الدرامي في مسرحياته ، إذ كان يلجأ إلى توزيع أبيات قصائده على مشاهد مسرحياته ، ويهمل أي حوار .

وهذا ما أكده الدكتور شوقي ضيف ، حينما نشر في كتابه ( شوقي شاعر العصر الحديث ) ، صفحات بخط يد شوقي من مسرحية مجنون ليلى ، ومن هذه الصفحات يتضح أن أحمد شوقي لم يكن يكتب حوارا عند تأليفه هذه المسرحيات ، بل كان يكتب قصائد ثم يوزع هذه القصائد بين المواقف التي تتضمنها المسرحية .

الشعر القصصي عند  شوقي

على غرار فن المسرح ، فقد اهتم أمير الشعراء بالفن القصصي ، وشرع في محاكاة الأدب الفرنسي فكتب مجموعة من الأقاصيص الشعرية القصيرة على ألسنة الحيوانات وللأطفال على غرار أقاصيص لافونتين الشهيرة . كما أن الجزء الرابع من شوقياته يضم مجموعة من القصص الجميلة .

كما كانت له محاولات نثرية في كتابة القصص التاريخية ، كلادياس ، وعذراء الهند ، وورقة الآس ، ومحاورات بينتاؤور .

قالوا عن أحمد شوقي

– قال طه حسين : ” …كنت شديد الإعجاب بشعر شوقي أقرؤه في لذة تكاد تشبه الفتنة ، وأثني عليه كلما لقيته ، فمازال شوقي يكسل ويقصر في تعهد شعره حتى ساء ظني بشعره أخيرا ” .

– قال الكاتب اللبناني انطوان الجميل : ” إنه لم يشد إلى قيثارة الشعر وترا جديدا ، ولكنه عرف كيف ينطق الأوتار القديمة بنغمات جديدة مستعذبة ” .

– وقال الشاعر خليل مطران : ” إن شوقي لا يكاد فكره في معنى أو مبنى ، وكثيرا ما يعارض المتقدمين ولا يعسر عليه أن يبزهم . وشعره هو شعر التفوق والعبقرية ” .

وقد وصف أحمد عبد الوهاب سكرتيره الخاص طريقة نظمه للشعر فقال : ” لقد لازمته في ليلة في بوفيه ( دي لابرد ) على كوبري قصر النيل وكان ذلك قبل الحرب ، فشرع يعمل في قصيدة النيل التي مطلعها :

من أي عهد في القرى تتدفق  *  وبأي كف في المدائن تغدق

وكان كل نصف ساعة يركب مركبة خيل ويسير في الجزيرة بضع دقائق ثم يعود إلى المنضدة التي كان يجلس عليها فيكتب عشرة أو اثنى عشر بيتا . وهكذا انتهت القصيدة في ليلة إلا بيتا استعصى عليه ولم يتمكن منه إلا بعد يومين ” .

وفاة الشاعر أحمد شوقي

لقد اجتمعت ظروف العيش الرغيد لشاعرنا أحمد شوقي ، فظل يسافر إلى فرنسا منشغلا بهوايته المفضلة التأليف المسرحي ، وتارة يقضي عطلة مفتوحة بلبنان ، وظل كذلك إلى أن توفاه الله في 13 أكتوبر سنة 1932 ، بقصره المعروف باسم ( كرمة بن هانئ ) على ضفاف النيل بالجيزة .

نماذج من شعره

من أشعار أحمد شوقي

أُنادي الرَسمَ لَو مَلَكَ الجَوابا  *  وَأُجزيهِ بِدَمعِيَ لَو أَثابا

وَقَلَّ لِحَقِّهِ العَبَراتُ تَجري  *  وَإِن كانَت سَوادَ القَلبِ ذابا

ويا وطني لقيتك بعد يأس  *  كأني قد لقيت بك الشبابا

***

على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ  *  ومَنْ عاتبتُ يَفْديِه الصِّحابُ

ألوم معذِّبي ، فألومُ نفسي  *  فأُغضِبها ويرضيها العذاب

ولو أنَي استطعتُ لتبتُ عنه  *  ولكنْ كيف عن روحي المتاب؟

***

اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي  *  اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي

وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ  *  صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ

عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومرّت  *  سِنة ً حُلوة ً، ولذَّة ُ خَلْس

وسلا مصرَ : هل سلا القلبُ عنها  *  أَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّي؟

***

عادَت أَغاني العُرسِ رَجعَ نُواحِ  *  وَنُعيتِ بَينَ مَعالِمِ الأَفراحِ

كُفِّنتِ في لَيلِ الزَفافِ بِثَوبِهِ  *  وَدُفِنتِ عِندَ تَبَلُّجِ الإِصباحِ

شُيِّعتِ مِن هَلَعٍ بِعَبرَةِ ضاحِكٍ  *  في كُلِّ ناحِيَةٍ وَسَكرَةِ صاحِ

ضَجَّت عَلَيكِ مَآذِنٌ وَمَنابِرٌ  *  وَبَكَت عَلَيكَ مَمالِكٌ وَنَواحِ

أمير الشعراء أحمد شوقي

اقرأ في الموقع